ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة بالعديد من الاتفاقيات الخاصة بتسليم المطلوبين (تسليم المجرمين)، وتأتي معظمها في إطار التعاون القضائي الجماعية والثنائية التي تنظم أسس التعاون القضائي فيما يتعلق بالمساعدات والإنابات القضائية بالإضافة إلى تسليم المطلوبين.
اتفاقية تسليم المطلوبين بين بعض الدول العربية
اتفاقيات عديدة لتسليم المطلوبين عقدتها دولة الإمارات بينها وبين العديد من الدول ومنها اتفاقية تسليم المطلوبين المعقودة بين بعض حكومات الدول العربية المرسوم الاتحادي رقم 29 لسنة 1972
متى يكون التسليم واجباً
وفقاً لنص المادة الثانية من الاتفاقية يكون التسليم واجباً إذا كان المطلوب تسليمه ملاحقاً، أو متهماً، أو محكوم عليه في جريمة اُرتكبت في أرض الدولة طالبة التسليم، أما إذا وقعت خارج أرض الدولتين – طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم – فلا يكون التسليم واجباً
إلا إذا كانت قوانين الدولتين تعاقب على ذلك الفعل إذا ارتكب خارج أراضيها، أما إذا وقعت الجريمة المطلوب التسليم من أجلها على أرض الدولة المطلوب منها التسليم لا يكون التسليم واجباً.
سابقة من محكمة استئناف دبي
في هذا المعنى قالت محكمة استئناف دبي في حكم لها يتعلق بطلب تسليم يستند إلى هذه الاتفاقية:
(لما كانت المادة الثانية من هذه الاتفاقية قد نصت وجوب التسليم في حال كان المطلوب تسليمه متهماً أو تجري ملاحقته أو محكوماً عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثالثة، إذا ارتكبها الجاني في أرض الدولة التي تطلب التسليم أو المطلوب إليها التسليم في هذه الحالة لا وجوب للتسليم لا إذا كانت قوانين كلا الدولتين تعاقب على ذلك الجرم إذا ارتكب خارج أراضيها)
وكان مفاد نص المادة سالفة الذكر أن تسليم الأشخاص بين أطراف الاتفاقية يكون واجباً في إحدى الحالتين:
- إذا ارتكب المطلوب تسليمه جريمة في أرض الدولة طالبة التسليم
- إذا ارتكب المطلوب تسليمه جريمة خارج أرض الدولتين طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم وكانت قوانين الدولتين تعاقب على الفعل الذي ارتكبه خارج أراضيهما
ولما كان ما تقدم وكان من الثابت من الاطلاع على ملف الاسترداد وما تضمنه كتاب وحدة التحريات بالدولة الطالبة والمؤرخ 13/12/2008 أن جميع الجرائم المنسوبة إلى المطلوب تسليمه ارتكابها والمطلوب تسليمه من أجلها لم ترتكب في أراضي الدولة طالبة التسليم، بل ارتكبت في أراضي الدولة المطلوب إليها التسليم وهي دولة الإمارات العربية المتحدة.
الأمر الذي تكون معه شروط التسليم الوجوبي غير متحققة في الطلب المطروح لعدم توفر أياً من الحالتين سالفتي الذكر والواردتين في المادة الثانية من الاتفاقية الواجبة التطبيق إذ أن الجرائم المطلوب من أجلها التسليم لم ترتكب في أراضي دولة الكويت وهي الدولة طالبة التسليم.
كما أنها لم ترتكب خارج أرض الدولتين طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم أذ انها ارتكبت في أرض الدولة الأخيرة وهي دولة الإمارات، مما يكون معه طلب التسليم قد افتقد الشروط القانونية الواجبة للتسليم، ومن ثم تقضي المحكمة بعدم إمكانية تسليم المطلوب تسليمه إلى السلطات الكويتية.
تصفح ايضاً: قوانين مكافحة جرائم المخدرات في الإمارات
شروط تسليم المجرمين أو المطلوبين في الاتفاقية
نصت المادة الثانية من الاتفاقية على شروط تسليم المتهمين والمحكوم عليهم بصفة عامة – تسليم المجرمين -، وقد يكون التسليم وجوبياً أو جوازياً
شروط تسليم الأشخاص المتهمون
قسّمت الاتفاقية تسليم الأشخاص المتهمون إلى قسمين:
يكون التسليم في القسم الأول واجباً، وتشترط لذلك أن تكون الجريمة لمطلوب لأجلها التسليم جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة سنة أو بعقوبة أشد في قوانين كلتا الدولتين وذلك ما يعرف بالتسليم المزدوج ويكون تسليم الأشخاص المتهمون في هذه الأحوال واجباً.
أما إذا كان الفعل المنسوب للمتهم المطلوب تسليمه غير معاقب عليه في قوانين الدولة المطلوب إليها التسليم، أو كانت العقوبة المقررة للجريمة في الدولة طالبة التسليم لا نظير لها في الدولة المطلوب إليها التسليم، ففي هذه الحالة يكون التسليم واجباً إذا كان الشخص المطلوب من رعايا الدولة طالبة التسليم أو كان ينتمي إلى دولة أخرى تقرر نفس العقوبة المقررة للجريمة في الدولة طالبة التسليم.
أما إذا كان الشخص المطلوب ليس من رعايا الدولة طالبة التسليم، ولا ينتمي لدولة تقرر نفس العقوبة المقررة للجريمة في الدولة الطالبة، ففي هذه الحالة يكون التسليم جوازياً ويكون للدولة المطلوب إليها التسليم أن ترفض التسليم أو توافق عليه
شروط تسليم الأشخاص المحكوم عليهم
جاءت شروط تسليم الأشخاص المحكوم عليهم في هذه الاتفاقية مقتضبة على عكس العديد من الاتفاقيات التي أوردت هذه الشروط على نحو جلي فنصت المادة الثالثة من الاتفاقية على أنه يشترط في المطلوب تسليمه عن مثل هذه الجريمة محكوماً عليه بالسجن مدة أقلها شهرين مع توافر شرط التجريم المزدوج، كأن تكون الجريمة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالسجن مدة سنة أو بعقوبة أشد في قانون الدولتين.
ولابد لوجوب تسليم الأشخاص المحكوم عليهم أن تتوافر بدايةً الشروط الواجب توفرها لوجوب تسليم الأشخاص المتهمون أولاً بالإضافة إلى شرط مدة العقوبة التي يجب ألا تقل عن السجن شهرين.
جرائم واجبة التسليم في جميع الأحوال
نصت المادة الرابعة من الاتفاقية على مجموعة من الجرائم يكون التسليم فيها وجوبياً في جميع الأحوال دون أن تذكر أي شروط وهذه الجرائم بحسب ما ورد في المادة الرابعة من الاتفاقية هي:
- جرائم الاعتداء على الملوك والرؤساء أو زوجاتهم أو أصولهم أو فروعهم
- جرائم الاعتداء على أولياء العهد
- جرائم القتل العمد
- الجرائم الإرهابية
ربطت المادة الرابعة بين هذه الجرائم ومبدأ عدم التسليم في الجرائم السياسية وذلك على النحو الذي يفهم منه أن هذه الجرائم واجبة التسليم حتى ولو كانت مرتبطة بجرائم سياسية.
تصفح ايضاً: قوانين مكافحة الجرائم إلالكترونية في دولة الإمارات
موانع التسليم
أوردت الاتفاقية بعض الحالات التي لا يجري التسليم فيها رغم توافر شروط التسليم المشار إليها وذلك على النحو التالي:
الجرائم السياسية
وتركت للدولة المطلوب إليها التسليم سلطة تقدير كون الجريمة سياسية من عدمه، ونصت الاتفاقية على استبعاد بعض الجرائم من مفهوم الجريمة السياسية حتى ولو كانت لها صبغة سياسية، وجعلت التسليم فيها وجوبياً في جميع الأحوال كجرائم الاعتداء على الملوك والرؤساء والجرائم الإرهابية
الأشخاص الذين سبقت محاكمتهم
لا يتم تسليم المطلوب الذي سبقت محاكمته عن الجريمة التي طلب من أجلها، سواء كان بريئاً أم مداناً أو جارٍ التحقيق أو المحاكمة عن ذات الجريمة المطلوب من أجلها وذلك كله في الدولة المطلوب إليها التسليم.
انقضاء الدعوى وسقوط العقوبة
لا يجري التسليم إذا كانت الجريمة أو العقوبة الخاصة بالجريمة المطلوب التسليم من أجلها قد سقطت بمرور الزمن وفقاً لقانون إحدى الدولتين والمقصود بالجريمة هنا هو الدعوى الجزائية، وإذا كانت الدولة طالبة التسليم لا تأخذ بمبدأ السقوط بمضي المدة، اشترطت الاتفاقية التسليم في هذه الحالة أن يكون المطلوب تسليمه من رعايا الدولة الطالبة، أو رعايا دولة ثالثة لا تأخذ بمبدأ السقوط.
تأجيل التسليم أو التسليم المؤقت
إذا كان المطلوب تسليمه قيد التحقيق أو المحاكمة عن جريمة أخرى في الدولة المطلوب منها التسليم، تكون الدولة المطلوب إليها التسليم بين خيار تأجيل التسليم لحين انتهاء المحاكمة وتنفيذ العقوبة، أو تسليمه مؤقتاً إلى الدولة الطالبة محاكمته عن الجريمة المطلوب من أجلها، على أن تتعهد هذه الدولة بإعادته إلى الدولة التي سمحت بتسليمه بعد انتهاء المحاكمة وقبل تنفيذ العقوبة.
تسليم الدولة لرعاياها
أجازت الاتفاقية في المادة السابعة للدولة المطلوب إليها الامتناع عن تسليم رعاياها، على أن تتولى هي محاكمة المطلوب تسليمه وتستعين في هذا الشأن بالتحقيقات التي أجرتها الدولة طالبة التسليم، ومفاد ذلك أنه يجوز للدولة المطلوب إليها أن تسلم رعاياها إلى الدولة، وهذا المبدأ لا تأخذ به دولة الإمارات لتعارضه مع الدستور الدائم الذي يمنع تسليم مواطني الدولة.
المصادر
- محكمة استئناف دبي، طلب تسليم مجرمين رقم 2 لسنة 2009 جلسة 30/8/2009.
- شروط وإجراءات تسليم واسترداد المتهمين والمحكوم عليهم في ضوء القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 39 لسنة 2006، القاضي بكري عبد الله حسن، دار النهضة العربية، القاهرة