على الرغم من أن القانون الاتحادي رقم 39 لسنة 2006 بشأن التعاون الدولي لم يستخدم اصطلاح تسليم المطلوبين عند تناول مسألة تسليم واسترداد الأشخاص، وفضّل المُشرِع الإماراتي عند النص على عملية التسليم والاسترداد، استعمال عبارات الأشخاص المتهمين أو المحكوم عليهم.
تستند الدول في الموافقة على طلب التسليم المقدم إليها من دولة أخرى على أسس قانونية مختلفة، ويأتي في مقدمة تلك الأسس اتفاقية تسليم المطلوبين الدولية، ثم مبدأ المعاملة بالمثل، وهي الأسس التي أخذ بها المُشرِع الإماراتي في قانون التعاون القضائي الدولي
الأسس القانونية لتسليم المطلوبين في القانون الإماراتي
نصت المادة الثانية من القانون الاتحادي رقم 39 لسنة 2006 فيما يخص التعاون الدولي في المسائل الجنائية على أنه ومع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها، وبشرط المعاملة بالمثل تتبادل الجهات القضائية في الدولة مع الجهات الأجنبية التعاون القضائي في المسائل الجنائية طبقاً لأحكام هذا القانون
من سياق هذا النص يمكن تحديد الأسس القانونية التي يستند إليها التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية في النظام القانوني لدولة الإمارات العربية المتحدة بما في ذلك تسليم المطلوبين في ثلاث أسس رئيسية وهي:
- الاتفاقيات الدولية
- مبدأ المعاملة بالمثل
- القانون القضائي الداخلي للدولة
تصفح ايضاً: موانع وموجبات تسليم المجرمين أو المطلوبين
ما هو شرط المعاملة بالمثل
لا يعتبر شرط المعاملة بالمثل من الأدوات الحديثة لأوجه التعاون القضائي حيث كان من المتعارف عليه بين الدول منذ القِدم، أما في التاريخ المعاصر فقد زادت أهمية مبدأ المعاملة بالمثل كشرط لتسليم المطلوبين، لما يتسم به من سهولة التطبيق عند الالتزام به على الرغم من عدم وجود اتفاقية بين الدولتين الطالبة للتسليم والمطلوب إليها التسليم.
يعني شرط المعاملة بالمثل التزام كل دولة مقابل الأخرى بذات الحقوق والالتزامات عند التعامل مع الحالات المشابهة، وفي التطبيق العملي يأتي الشرط في صورة تعهد من السلطة المختصة لدى الدولة الطالبة بأنه في حال استجابة الدولة المطلوب إليها للطلب، تتعهد الدولة الطلبة بالتعامل بالمثل في الحالات المشابهة التي تطلب فيها الدولة المطلوب إليها هذه المساعدة مستقبلاً.
في أغلب الأحيان يأتي هذا التعهد في سياق طلب التسليم إلا أنه يجب أن يكون بعبارات صريحة قاطعة الدلالة على الالتزام بالمعاملة بالمثل، ويري البعض أن هذا الشرط تتطلبه أمور أخرى غير تحقيق العدالة مثل العلاقات السياسية، وهو ما أقرت به توصيات معهد القانون الدولي في دورته المنعقدة في أكسفورد عام 1880.
دولة الإمارات وشرط المعاملة بالمثل
على الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة ترتبط مع الكثير من دول العالم باتفاقيات تعاون قضائي في مجال تسليم المطلوبين وتسعى لإبرام العديد منها في الوقت الراهن، إلا أن جزء كبير من أوجه التعاون القضائي خاصة في مجال تسليم المطلوبين يتم بين الدولة والدول الأخرى استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل.
نظراً لتعاظم مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة بين دول العالم لتنامي اقتصادها والسياسة الرشيدة لحكامها، ومناخ الحرية السائد بها، الأمر الذي أدى إلى تضاعف أعداد رعايا الدول الأخرى من مختلف الجنسيات سواء الزائرون أو المقيمون بها بغرض العمل أو الاستثمار.
نتيجة لذلك تضاعف طلبات الدول الأخرى المتعلقة بتسليم المطلوبين أو المساعدات والإنابة القضائية، ولعدم وجود اتفاقية تستند بعض هذه الدول إلى شرط المعاملة بالمثل كأساس قانوني لطلبها، وتستجيب الدولة لذلك عند توافر باقي الشروط.
كيفية تطبيق الإمارات لمبدأ المعاملة بالمثل
نصت المادة (2) من قانون التعاون القضائي الإماراتي على شرط المعاملة بالمثل كأساس لتبادل التعاون القضائي مع الجهات القضائية الأجنبية، وبما أن شرط المعاملة لا يرتبط بوجود اتفاقية تعاون مع الدولة الطالبة فإنه عند ورود طلب تسليم مستنداً إلى هذا الشرط يتم بحث الطلب وفقاً لشروط التسليم الواردة بالقانون المشار إليه.
موانع التسليم
على الرغم من سريان مبدأ المعاملة بالمثل والتزام دولة الإمارات به إلا أن هناك حالات رفض لهذا التسليم، وفقاً لقانون التعاون القضائي الإماراتي، فقد نصت المادة التاسعة من هذا القانون على الحالات التي لا يجوز فيها التسليم، وهو ما يعرف بموانع التسليم.
نصت المادة على موانع كثيرة منها الجرائم السياسية والجرائم المرتبطة بها، وجرائم الإخلال بالواجبات العسكرية، والإضرار بمركز المطلوب تسليمه، وإذا كان قد سبق محاكمة المطلوب تسليمه عن الجريمة، وإذا صدر حكم بات من محاكم الدولة بشأن الجريمة موضوع التسليم، وعند انقضاء الدعوى الجزائية أو سقوط العقوبة بمضي المدة عند تقديم الطلب، أو في حالات توافر معلومات بأن المطلوب تسليمه سيتعرض للتعذيب والمعاملة اللا إنسانية والعقوبة القاسية وعدم توافر الحد الأدنى من الضمانات الإجرائية.
تصفح ايضاً: مقتطفات من قانون العقوبات الاماراتي
عدم جواز تسليم مواطني دولة الإمارات
التزاماً من المشرع الإماراتي بنص المادة 38 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة والتي حظرت تسليم المواطنين الإماراتيين، نص البند رقم 1 من المادة 8 من قانون التعاون القضائي الإماراتي على عدم جواز تسليم المطلوب تسليمه إذا كان يحمل جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن الموانع أيضاً اختصاص القضاء في دولة الإمارات الجريمة المطلوب التسليم من أجلها، فإذا تعلق طلب التسليم بجريمة تنص قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة على اختصاص السلطة القضائية بالدولة بها، لا يجوز تسليم الشخص المطلوب تسليمه، وذلك ما نصت عليه المادة (8) في البند 2، ولا يشترط أن تكون السلطة المختصة قد اتخذت بالفعل إجراءات مباشرة هذا الاختصاص بل يكفي أن تكون السلطة القضائية مختصة بنظر هذه الجريمة.
المصادر
قانون 39 لسنة 2006 / المتعلق بقضايا التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية
القاضي / بكري عبد الله حسن / شروط وإجراءات تسليم واسترداد المتهمين والمحكوم عليهم / الناشر دار النهضة العربية القاهرة / الطبعة الثانية
إدارة البحوث والنشر
HHA Advocates – UAE