يوفر القطاع العقاري في إمارة دبي فرصاً استثمارية واعدة كانت ولا زالت مصدراً جاذباً للمستثمرين، حيث استطاع هذا القطاع أن يكسب ثقة المتعاملين فيه، لما يمنحه من عوائد مالية كبيرة، وقد حرص المشرع الإماراتي على وضع تشريعات نموذجية لتنظيم عمله مما ساهم في نموه وازدهاره. في هذا المقال سنتناول العلاقة التعاقدية بين المطور العقاري والمشتري والمنازعات التي قد تحدث بينهما في حال أخل المطوّر العقاري بالتزاماته تجاه المشتري.
أسباب النزاعات العقارية بين المطوّر والمشتري
أتاح القانون الإماراتي مسألة التملك العقاري ويُمكن لأي مواطن أو مُستثمر أن يتعاقد على شراء وحدة عقارية ضمن مشاريع التطوير السكنية الفاخرة والمتعددة والتي يطرحها أحد المطوّرين العقاريين في إمارة دبي أو بقية الإمارات وفق إجراءات تعاقدية معروفة، إلا أن هذا المطوّر العقاري قد يقوم بإلغاء المشروع بعد حصوله من المستثمرين على دفعة من قيمة الوحدات المباعة، وينتج عن ذلك نزاعات عقارية تصل إلى المحاكم، إذ أن الإخلال بشروط العقد يعتبر من الأسباب الرئيسية التي تُؤدي إلى النزاعات العقارية.
للحصول على استشارة قانونية؟ اضغط هنا الان
قانون تنظيم العلاقة بين المطوّر العقاري والمشتري
تنظيم العلاقة العقارية المبدئية بين المطور العقاري، والمشتري في إمارة دبي وما تم فيه من تعديل للائحة التنفيذية في هذا الشأن ورد في القانون رقم (13) لسنة 2008، والقانون رقم (8) لسنة 2007، حيث يلتزم المطوّر العقاري بموجب العقد المبرم بينه والمشتري ببناء وحدات عقارية على أرض يملكها، أو يملك حق البناء عليها، ونقل ملكيتها لصالح المشترين حسب المواصفات والمواعيد المتفق عليها، وذلك مقابل التزام المشتري بسداد الأقساط المالية بحسب ما هو متفق عليه وبحسب مراحل الإنجاز.
ويسمى هذا النوع من البيع (البيع على الخارطة) وهو وسيلة حديثة تتحقق معها مصالح مشتركة لطرفي العلاقة العقارية، إذ يمكن للمشتري شراء الوحدة العقارية وفق أقساط تتناسب مع مقدرته المالية، ويتيح للمطور العقاري إمكانية الحصول على التمويل اللازم لإقامة وتنفيذ المشاريع العقارية عن طريق ما يدفعه المشترون من أقساط دون الحاجة إلى الاقتراض البنكي وما يلزم ذلك من فوائد باهظة.
يبدأ المشتري بسداد الأقساط التي التزم بدفعها للمطوّر، وبناء على العقد يتم تحديد قيد زمني لتسليم العقار محل العقد، لكن قد يتفاجأ المشتري بإلغاء العقد من قبل المطوّر لأسباب عديدة، وحتى لا يقع المشتري ضحية لذلك قام المشرع ومن خلال إضافة الفقرة (ب) من المادة (11) من القانون، والتي تم تعديلها مؤخراً بموجب القانون رقم (19) لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي لسد مثل هذه الثغرات.
واشترط القانون عدم تطبيق تلك الإجراءات والقواعد إلا على عقد بيع الأرض على الخارطة، ويظل البيع خاضعاً لأحكام العقد المُبرم بين أطرافه، وتسري على جميع عقود (البيع على الخارطة)، سواءً تلك التي تم إبرامها قبل أو بعد العمل بهذا القانون، وتبطل في حال عدم الالتزام بها
لا تحول هذه القواعد دون الإخلال بحق المشتري في اللجوء للقضاء أو التحكيم، في حال تعسّف المُطوّر العقاري في استخدام الصلاحيّات المُخوّلة له بموجب هذه المادة.
في حال إلغاء المشروع بقرار مسبب من المطور
تضمن القانون أعلاه حكماً يقضي بأنه في حال تم إلغاء المشروع العقاري بقرار مسبب من مؤسسة التنظيم العقاري، فإنه يتوجب على المطور العقاري في هذه الحالة رد كافة المبالغ المستلمة من المشترين، وفقاً للإجراءات والأحكام المنصوص عليها في القانون رقم (8) لسنة 2007 بشأن حسابات ضمان التطوير العقاري في إمارة دبي، أوجب هذا القانون على أمين الحساب اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على حقوق المودعين بما يضمن إعادة المبالغ المدفوعة منهم في حال قيام أي ظروف طارئة يترتب عليها عدم إكمال المشروع العقاري، بما فيها إلغاء المشروع من قبل مؤسسة التنظيم العقاري.
محكمة تمييز دبي وحقوق المشترين
قضت محكمة تمييز دبي ولضمان المحافظة على حقوق المشترين بأنه: إذا تعددت المشروعات التي ينفذها المطور، يجب فتح حساب ضمان مستقل لكل مشروع على حدة وتطبيق لذلك، وبذلك يكون المشرع قد ألقى على المطور التزام بإيداع المبالغ المدفوعة من المشترين لوحدات على الخارطة، أو من الممولين في حساب ضمان التطوير العقاري باسم المشروع، بحيث إذا أخل المطور بتنفيذ هذا الالتزام، فإنه يحق للمشتري أن يحبس الثمن، أو جزء منه عن المطور، واللجوء إلى المحكمة المختصة بطلب فسخ العلاقة التعاقدية، واسترداد ما دفعه من ثمن.
حق المشتري في اللجوء إلى القضاء حال تعسف المطور العقاري
اتاحت الفقرة (و) من المادة (11) من القانون، للمشتري حق اللجوء إلى القضاء أو التحكيم في حال تعسف المطور العقاري في تطبيق الإجراءات والتدابير التي أجازت له هذه المادة اتخاذها بحق المشتري في حال إخلاله بالتزاماته التعاقدية – كنا قد أشرنا إلى ذلك في مقال سابق- ويندرج ذلك في إطار حرص المشرع على تحقيق التوازن بين مصالح المتعاملين في القطاع العقاري وحماية مراكزهم القانونية وحقوقهم المكتسبة.
القواعد والإجراءات التي شرعت لمصلحة المطور العقاري عند إخلال المشتري بالتزاماته التعاقدية لا تعني أن تكون صلاحيات المطور في هذه الحالة مطلقة وبمنأى عن رقابة القضاء بلا حسيب أو رقيب أو معقب، بل تخضع هذه القواعد والإجراءات لرقابة القضاء الذي له حق إلغائها وإبطال أي أثر ترتب عليها في حال ثبوت تغوّل المطور العقاري على حقوق المشتري وتعسّفه في استخدام الصلاحيات المخولة له بموجب هذه المادة.
المساعي الودية والإجراءات القانونية
يمثل التدرج في حل النزاع استراتيجية متبعة في دولة الإمارات، وقد تستخدم في حالة التنازع الذي قد ينتج جراء عدم انتهاء مشروع عقاري في الوقت المحدد، ويبدأ هذا التدرج في حل النزاع القائم بطرق سلمية، وفي حال لم يلتزم المطور العقاري بما عليه من التزام حسب بنود العقد بالطريقة الودية، يتم اللجوء إلى رفع الدعاوي للقضاء.
بوسع دائرة الأملاك والأراضي في إمارة دبي التدخل بطلب من أحد الطرفين، والقيام بإجراء التسوية الودّية بين المُطوّر العقاري والمُشتري في حال نشوب نزاع قانوني، ويتم إثبات هذه التسوية بمُلحق عقد يتم التوقيع عليه من قبل الطرفان، وبحسب القانون، فإنه في حال إلغاء المشروع العقاري بقرار تسبب فيه المطور العقاري أو مؤسسة التنظيم العقاري، نتيجة لإهمال أو نصب أو سوء تصرف في الأموال فإنّه يجب على المُطوّر العقاري رد كافة المبالغ المُستلمة من المُشترين.
ويُمكن للمُشتري الذي تضرر من عدم استلام العقار موضع التنازع البدء في إجراءات التقاضي القانوني بإرسال إنذار قانوني للشركة العقارية التي لم تف بشروط العقد المبرم بينها وبين المُشتري، كإجراء يحفظ حقه، ومن ثم بدء إجراءات رفع دعوى، لاسترداد المبالغ التي قام بدفعها كأقساط، إضافة إلى التعويض وأتعاب المحاماة وإلزام الشركة العقارية بكافة المصاريف.
إلغاء المشروع العقاري
أُنشئت لجنة المشاريع العقارية الملغاة من قبل دائرة الأراضي والأملاك في دبي (DLD) وهي لجنة متخصصة في الإشراف على المشاريع الملغاة، فإذا تم إلغاء المشروع، سيتم إدراجه مع لجنة المشاريع العقارية الملغاة، وفي حال الإدراج، يمكن المطالبة بكل المبالغ المدفوعة، وتتخذ مؤسّسة التنظيم العقاري لدائرة الأراضي والأملاك في دبي خطوات تأديبية بحقّ المطوّر العقاري المُخالف للقوانين واللوائح التنفيذية المنظمة للعقارات في الإمارة وخاصّة في المسائل المتعلّقة بالعقارات التي لم ينته إنجازها أو توقف عن إنجازها.
خبراء العقارات في حسن السويدي يتمتعون بخبرات عالية في مجال العقارات في دبي وكافة الامارات العربية المتحدة، ويمتازون بالإلمام القوي بالقوانين المنظمة لقطاع العقارات وقوانين العلاقة بين المطور العقاري والمشتري. يمكنك التواصل مع مكتب حسن السويدي لمعرفة المزيد.
إدارة البحوث و النشر
أتش أتش أس للخدمات القانونية ش م ح.
دولة الإمارات العربية المتحدة.
للاستعلام عن الخدمة:
واتس اب (كتابة فقط ) : 971521782469
ايميل: sales@hhslawyers.com