لقد صدر مؤخرا في الامارات العربية لمتحدة القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2021، في شأن الوساطة لتسوية المنازعات المدنية والتجارية، وينص القانون على جواز اجراء الوساطة بين الخصوم المتنازعة في كافة المنازعات التي يجوز الصلح فيها بما لا يتعارض مع التشريعات المعمول بها، أو النظام العام والآداب العامة في دولة الامارات العربية المتحدة.
ولعل الهدف من اصدار هذا القانون يكمن في السعي لحل المنازعات المتعلقة بالمعاملات المدنية والتجارية بين أفراد المجتمع، بعيداً عن دائرة التقاضي، التي قد تطول فيها الإجراءات، كما يهدف إلى الوصول لحلول مرضية لأطراف النزاع لأنهم هم من يختارون طريق الوساطة للتوفيق فيما بينهم.
للحصول على استشارة قانونية؟ اضغط هنا الان
تعريف الوساطة في القانون الاماراتي
عرف القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2021 في شأن الوساطة لتسوية المنازعات المدنية والتجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة، الوساطة بأنها وسيلة اختيارية بديلة يلجأ اليها الأطراف المتنازعين للتسوية الودية للمنازعات المدنية والتجارية التي نشأت أو قد تنشأ بين أطراف علاقة قانونية أو عقدية أو غير عقدية، ويستعينون فيها بوسيط محايد لتسوية النزاع بينهم. وقسم القانون الوساطة إلى وساطة قضائية وأخرى غير قضائية، فـ الوساطة القضائية هي التي يلجأ اليها الأطراف لحل النزاع بينهم بعد اللجوء للمحكمة، وفي أي مرحة من مراحل الدعوى القضائية، أما الوساطة غير القضائية هي الوساطة التي يلجأ اليها الأطراف قبل اللجوء للتقاضي، لحل نزاع بينهم ودياً انفاذاً لاتفاق الوساطة المعقود بينهم.
أبرز ما تناوله قانون الوساطة الاماراتي
إن أبرز ما تضمنه القانون الاتحادي الاماراتي بشأن الوساطة لتسوية المنازعات المدنية والتجارية المشار اليه سابقاً، هو انه، لا ينعقد الاتفاق الا من الشخص الطبيعي الذي يتمتع بأهلية التصرف، وبالتالي يقع باطلاً الاتفاق الذي يكون طرفيه أو أحدهما شخصية اعتبارية أو لا يملك حق التصرف القانوني كالصغير أو المجنون أو نحوهما. كما ينعقد الاتفاق صحيحاً من ممثل الشخص الاعتباري. أيضاً من اهم النقاط التي نص عليها القانون هو ضرورة أن يكون اتفاق الوساطة المبرم بين الأطراف مكتوباً، سواء كان بعقد رسمي أو عرفي أو تم اثباته في محضر قضائي.
ونص القانون كذلك على أنه يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقترح على الأطراف اللجوء للوساطة، فإذا وافقوا على الاقتراح، تصدر المحكمة أمراً بإحالة النزاع إلى الوساطة في أي مرحلة من مراحل الدعوى القضائية، ويمكن ان تحيل النزاع بناءً على طلب الأطراف أو انفاذاً لاتفاق الوساطة. الجدير بالذكر في هذا الصدد أن قرار المحكمة الصادر بالإحالة لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية. كما يتم إيقاف المدد القانونية والقضائية جميعا منذ صدور قرار الإحالة، ولا تسري إلا بعد انتهاء الوساطة.
ونص القانون على الوسيط الخاص الذي يتضمنه اتفاق الوساطة، فإذا تم تعيينه يقوم بتحديد أتعابه بالاتفاق مع أطراف النزاع على الا تتجاوز 5% من القيمة الكلية لموضوع النزاع محل الوساطة. ويجوز للوسيط عقد اجتماعات الوساطة الكترونياً والاتصال عن بعد وفقاً للضوابط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل، أو رئيس الجهة القضائية المحلية بحسب الحال، كما تعتبر إجراءات الوساطة سرية ولا يجوز الاحتجاج بها أو ما تم فيها من اتفاقيات أو تنازلات من الأطراف أمام المحكمة، أو بما قدم فيها من مستندات او معلومات.
ويحظر على المركز والأطراف والوسيط وكل من شارك في الوساطة، الكشف عن أي معلومات أثيرت خلال إجراءات الوساطة الا بموافقة كافة الأطراف أو تعلق الامر بجريمة. كما تحدث القانون عن جواز إنشاء مراكز خاصة بالوساطة أو الترخيص لفروع مراكز ذات طابع أجنبي للوساطة.
إجراءات الوساطة القضائية
وفقاً لقانون الوساطة الاماراتي لتسوية المنازعات المدنية والتجارية المشار اليه سابقاً، فإن هنالك عدة إجراءات للوساطة القضائية وهي على النحو التالي:
- يجب على الوسيط الذي يتم تعيينه للوساطة ابلاغ أطراف النزاع بجلسات الوساطة وإعلانهم شخصياً أو اعلان من ينوب عنهم قانوناً بموعدها، ومكان انعقادها بأي طريق من طرق الإعلان القانونية، بما في ذلك الوسائل الالكترونية.
- يجب على أطراف النزاع حضور جلسات الوساطة شخصياً أو من ينوب عنهم قانوناً، وإذا كان أحد الأطراف شخصاً اعتبارياً يجب أن يحضر من يمثله قانوناً، ويجوز للأطراف الاستعانة بمستشارين لحضور الجلسات معهم، ويحق للوسيط أن يحدد عدد الحاضرين برفقة كل طرف حسب ما يراه مناسباً لتسيير عملية التسوية وفقاً لظروف النزاع وطبيعته، ولا يجوز لغير المعنيين بالنزاع حضور جلسات الوساطة إلّا بموافقة جميع الأطراف.
- يجب على كل طرف من أطراف النزاع محل الوساطة قبل انعقاد الجلسة الأولى التي يحددها الوسيط بوقت كاف، أن يقدم مذكرة موجزة تتضمن ملخصاً لما يدعيه والدفوع التي يستند اليها، على أن يرفق كافة المستندات والأدلة الخاصة به، يذكر أن هذه المستندات والمذكرات لا يتم تبادلها بين الأطراف.
- يحق للوسيط مناقشة الأطراف مجتمعين والتشاور معهم في موضوع النزاع وطلباتهم ودفوعهم، ومن ثم اتخاذ ما يراه مناسب لتقريب وجهات النظر بينهم، وذلك بغية الوصول إلى حل ودي، ويجوز للوسيط إبداء رأيه إذا طلب منه الأطراف وتقييم الأدلة والمستندات المقدمة من الأطراف، كما له أن يعرض المبادئ القضائية المتعلقة بالنزاع محل النزاع، وكل ما من شأنه تسيير عملية الوساطة.
- يحق للوسيط تنظيم جلسات خاصة مع كل طرف من الأطراف لوحده ولكن لا يحق له الكشف للطرف الآخر عن المعلومات التي تم تداولها في تلك الجلسة إلا بموافقة ذلك الطرف.
- يجوز للأطراف في المنازعات المدنية أو التجارية متعددة الأطراف وبموافقة المحكمة، الاتفاق على مواصلة إجراءات الوساطة عند امتناع أحد الأطراف عن المشاركة فيها، ما لم يكن امتناعه مؤثراً على سير الإجراءات وتسوية النزاع فيما بينهم.
- لا يجوز للوسيط التحقيق، ولكن مع ذلك يجوز له الاستماع للغير بموافقته، وذلك بالاتفاق مع الأطراف جميعاً لأغراض الوساطة.
- يكون للوسيط الحق في الاستعانة بخبير من الخبراء المقيدين بجدول خبراء الوزارة أو الجهات القضائية، أو الذين يتفق عليهم الخصوم في تسوية المنازعات، وذلك بغرض تقديم الخبرة الفنية أو التقنية. على أن يحدد الوسيط اتعاب الخبير والاعمال التي يقوم بها وإبداء رأيه بشأنها.
- يجوز للوسيط عقد الاجتماعات المتعلقة بالوساطة باستخدام الوسائل الالكترونية كل ما كان ذلك ممكناً والاتصال عن بعد وفق الضوابط والإجراءات التي يصدر بها قرار من الوزير أو الجهة القضائية بحسب الحال.
إجراءات الوساطة غير القضائية
كما سبق القول ووفقاً لقانون الوساطة الاماراتي المذكور في صدر هذا المقال، يجوز للأطراف وفي سبيل تنفيذ اتفاق الوساطة، اللجوء مباشرة إلى مركز التسوية والتوفيق لتسوية النزاع بينهم، وذلك قبل رفع الدعوى القضائية. ويجب أن يتضمن اتفاق الوساطة على لغة الوساطة وموضوعها وتعيين الوسيط أو طريقة تعيينه وإلا كان الاتفاق باطلاً.
ولإجراء الوساطة غير القضائية، فإن هنالك إجراءات يجب اتباعها وهي كما يلي:
- يقدم الطلب على النموذج المعد الى القاضي المشرف على الوساطة ويرفق به اتفاق الوساطة والمستندات ذات الصلة بالموضوع.
- يجب أن يتضمن الطلب الاتي:
- رغبة جميع الأطراف أو أحدهم في اللجوء إلى الوساطة، وتعهد طالب الوساطة بحضور الجلسات المحددة لانعقادها وتزويد الوسيط بالمعلومات والوثائق الخاصة بالنزاع.
- موضوع الوساطة.
- تعيين الوسيط الخاص وفقاً لاتفاق الوساطة.
(د) مدة الوساطة التي تم الاتفاق عليها، ويجب ألا تتعدى ثلاث أشهر من تاريخ قبول الوسيط بالمهمة، وتكون هذه المدة قابلة للتجديد لمرة واحدة وبذات المدة، وذلك بقرار من القاضي المشرف.
- يجب على المركز اخطار باقي الأطراف بطلب تنفيذ الاتفاق، واخطار الوسيط الخاص إذا ما تم تعيينه بالاتفاق.
- يكون للقاضي المشرف ذات سلطات المحكمة من حيث تقدير النفقات المتعلقة بالوساطة وتعيين الوسيط وتلقي تقارير الوسيط والمصادقة على اتفاق التسوية.
إدارة البحوث و النشر
أتش أتش أس للخدمات القانونية ش م ح.
دولة الإمارات العربية المتحدة.
للاستعلام عن الخدمة:
واتس اب (كتابة فقط ) : 971521782469
ايميل: sales@hhslawyers.com