تُعد صياغة عقود الشركات من الركائز الأساسية لأي نشاط تجاري في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تمثل الأداة القانونية التي تنظم العلاقة بين الشركاء، وتحدد الالتزامات والحقوق، وتضع آليات فض النزاعات. في بيئة اقتصادية نشطة ومليئة بالفرص مثل الإمارات، فلا يكفي الاعتماد على النماذج الجاهزة أو الصياغات التقليدية، بل يجب إعداد العقود وفق أحدث التشريعات المحلية بما يتوافق مع قانون الشركات الاتحادي رقم 32 لسنة 2021 وتعديلاته، إلى جانب القوانين التجارية والمدنية ذات الصلة.
وتمثّل صياغة عقود الشركات الركائز الأساسية لضمان استقرار المعاملات التجارية وحماية مصالح الشركاء والمستثمرين. فالعقد هو الإطار القانوني الذي يحدد حقوق والتزامات جميع الأطراف، ويشكل المرجع الحاكم عند نشوء أي نزاع. في دولة الإمارات العربية المتحدة، اكتسبت عملية صياغة العقود أهمية متزايدة في ظل التطورات الاقتصادية السريعة وتنوع أشكال الشركات والاستثمارات.
ومن واقع خبرتنا في صياغة عقود الشركات، نؤكد أن العقد الجيد هو الذي يتنبأ بالمشكلات قبل وقوعها، ويضع الحلول المناسبة، ويضمن حقوق الأطراف بما يتماشى مع القوانين السارية.
أهمية صياغة عقود الشركات وفق الأطر القانونية الحديثة
تضمن صياغة عقود الشركات بأسلوب قانوني احترافي أن تكون العلاقة بين الشركاء واضحة وشفافة منذ البداية، وتجنبهم المخاطر القانونية المحتملة. ومن أبرز مزايا الالتزام بالصياغة السليمة:
- الالتزام بالقوانين المحلية
حيث يُلزم القانون الإماراتي جميع الشركات، سواء كانت ذات مسؤولية محدودة أو مساهمة أو شركات أشخاص، بوضع اتفاقات مكتوبة تحدد طبيعة النشاط، ونسب الملكية، وهيكل الإدارة، وآليات توزيع الأرباح والخسائر. الصياغة الدقيقة للعقد تحمي من المخاطر القانونية، خاصة في حالة النزاعات بين الشركاء أو مع أطراف خارجية.
وكمثال على الامتثال للتشريعات الإماراتية (اشتراطات رأس المال، وأنشطة الشركة المسموح بها، وأحكام نقل الحصص).
- تحديد الأدوار والمسؤوليات
تُسهم عقود الشركات في توزيع الأدوار بوضوح بين المساهمين والمديرين، بما يمنع التداخل في الصلاحيات ويعزز من كفاءة الإدارة. صياغة بند دقيق يوضح اختصاصات كل طرف يحد من الخلافات ويعطي وضوحاً في الرؤية.
وهذا ما يحقق حماية حقوق الشركاء من خلال تحديد نسب الملكية، وطبيعة المساهمة، وطريقة توزيع الأرباح والخسائر.
كما يساهم في تحديد صلاحيات الإدارة، عبر النص على آلية تعيين المديرين أو مجلس الإدارة، وحدود سلطاته.
- الحماية من المخاطر المستقبلية
بإمكان عقد الشركة أن يتضمن آليات لمعالجة الطوارئ، مثل انسحاب أحد الشركاء، أو بيع الحصص، أو تعديل النشاط. هذه البنود الاستباقية توفر حماية من التعقيدات التي قد تؤثر على استمرارية الشركة. كما يضمن تقليل احتمالية النزاعات، من خلال وضع آليات واضحة لحل الخلافات، سواء عبر التحكيم أو القضاء.
العناصر الأساسية في صياغة عقود الشركات
عند صياغة عقد تأسيس شركة أو اتفاقية شراكة، ينبغي تضمين مجموعة من البنود الجوهرية التي تشكل العمود الفقري للعلاقة التعاقدية:
- البيانات التعريفية للأطراف
تتضمن الأسماء الكاملة للأطراف، وجنسياتهم، وعناوينهم، وصفاتهم القانونية (شريك فرد، شركة مساهمة، إلخ)، ويجب تحديد هوية الشركاء بدقة، مع إرفاق بياناتهم الرسمية (جواز السفر، بطاقة الهوية، الرخصة التجارية)، لتجنب أي لبس أو نزاع مستقبلي.
- غرض الشركة ونطاق نشاط الشركة
ينبغي أن يُذكر النشاط التجاري بدقة وبما يتوافق مع الرخصة التجارية الصادرة من السلطات المختصة، مع مراعاة أي قيود أو متطلبات تنظيمية خاصة ببعض الأنشطة. ومع الالتزام بقائمة الأنشطة المصرح بها من الجهات المختصة، مثل دائرة التنمية الاقتصادية أو المناطق الحرة.
- رأس المال وحصص الشركاء ونسب الملكية
بيان قيمة رأس المال أي توضيح رأس المال المدفوع والمطلوب، وعدد الحصص أو الأسهم المملوكة لكل شريك، وطريقة دفع المساهمات (نقداً أو عيناً)، ونسب ملكية كل شريك، وآلية تعديل هذه النسب، فالقانون الإماراتي يفرض أحياناً حدّاً أدنى لرأس المال حسب نوع النشاط.
- إدارة الشركة والتمثيل القانوني وصلاحيات المديرين
أي تحديد من له حق الإدارة، وصلاحيات التوقيع، وآليات اتخاذ القرارات الجوهرية،
وتحديد طريقة تعيين المديرين، وصلاحياتهم، وآلية اتخاذ القرارات، سواء بالأغلبية أو بالإجماع.
- توزيع الأرباح والخسائر
وضع نسب توزيع الأرباح والخسائر بما يتفق عليه الشركاء، مع مراعاة أحكام قانون الشركات التجارية.
وذلك من خلال صياغة واضحة لآلية توزيع الأرباح وتحمّل الخسائر، بما يمنع أي تفسيرات متباينة.
- التنازل أو نقل الحصص
النص على شروط وإجراءات نقل الملكية أو التنازل عن الحصص، وحق الشركاء الآخرين في الشفعة.
- مدة الشركة وتجديدها
تحديد مدة العقد وآلية التجديد أو التصفية.
- تسوية النزاعات
اختيار أسلوب فض النزاعات، سواء عبر المحاكم المحلية أو التحكيم، أي ينبغي تحديد آلية فض النزاعات (قضاء عادي أو تحكيم أو وساطة)، مع الإشارة إلى القانون الإماراتي كقانون واجب التطبيق، إلا إذا تم الاتفاق على غير ذلك.
الأخطاء الشائعة عند صياغة عقود الشركات
كثير من النزاعات التجارية تنشأ نتيجة صياغة عقود ضعيفة أو غير متوافقة مع التشريعات. ومن أبرز الأخطاء التي يجب تجنبها:
- الاكتفاء بنماذج عامة دون تخصيص البنود بما يتناسب مع نشاط الشركة.
- الاعتماد على النماذج الجاهزة حيث تؤدي الصياغة العامة وغير المخصصة لطبيعة النشاط إلى ثغرات قانونية خطيرة.
- إغفال البنود التنظيمية مثل آليات الانسحاب أو دخول شريك جديد.
- عدم تحديث العقد ليتوافق مع التعديلات التشريعية الجديدة.
- إغفال بند حل النزاعات أو صياغته بطريقة فضفاضة.
- إغفال البنود الجوهرية إهمال بنود مثل التوسع المستقبلي أو آلية زيادة رأس المال قد يسبب خلافات لاحقاً.
- ضعف الترجمة القانونية ففي الإمارات، قد يتطلب العقد نسخة بالعربية وأخرى بالإنجليزية، وأي اختلاف في الترجمة يمكن أن يؤدي إلى تضارب في التفسير.
فهذه الأخطاء قد تؤدي إلى إبطال بعض بنود العقد أو حتى المساس بكيان الشركة القانوني. لذلك ينصح لصياغة عقود شركات قوية وفعّالة:
- الاستعانة بخبراء على دراية بالقوانين الإماراتية، مثل فريق العمل في أتش أتش أس للخدمات القانونية، لضمان صياغة مخصصة وملائمة لنشاطكم.
- مراجعة العقد دورياً لضمان توافقه مع أي تعديلات تشريعية جديدة.
- إدراج بنود واضحة للتعامل مع المستجدات مثل الشراكات الجديدة أو الاندماج أو الاستحواذ.
- التأكد من أن صياغة البنود تعكس إرادة جميع الأطراف دون غموض.
أثر التشريعات الإماراتية الحديثة على صياغة عقود الشركات
مع دخول تعديلات قانون الشركات الاتحادي حيز التنفيذ، بات بإمكان الأجانب امتلاك 100% من بعض الأنشطة التجارية دون الحاجة لشريك محلي، وهو ما يستدعي إعادة النظر في صياغة العديد من عقود الشركات القائمة. لمزيد من التفاصيل، يمكنكم الاطلاع على مقالنا عن أهم تعديلات قانون الشركات في الإمارات.
وقد أدخل المرسوم بقانون اتحادي رقم 32 لسنة 2021 تعديلات جوهرية على هيكل الشركات، منها:
- إلغاء شرط الحد الأدنى لنسبة تملك المواطنين في معظم الأنشطة، مما يتيح للأجانب ملكية 100% في العديد من القطاعات.
- تعزيز المرونة في وضع لوائح الشركة الداخلية.
- تسهيل إجراءات نقل الحصص وتعديل رأس المال.
هذه التغييرات تتطلب من معدّي العقود مواكبتها وإدراج ما يضمن الاستفادة من المزايا الجديدة، مع الحفاظ على الضمانات القانونية للشركاء.
الصياغة الاحترافية ودورها في جذب المستثمرين
عقود الشركات ليست وثائق قانونية فحسب، بل أدوات تسويقية تجذب المستثمرين من خلال إظهار الجدية والتنظيم. فالمستثمر يبحث عن بيئة عمل آمنة من المخاطر، وعقد محكم الصياغة يرسل رسالة طمأنة بأن الشركة ملتزمة بالحوكمة وحماية حقوق الأطراف.
وتلعب صياغة العقود دوراً محورياً في تشجيع الاستثمار الأجنبي في الإمارات، حيث تمنح المستثمرين الثقة في بيئة الأعمال من خلال وضوح القواعد والالتزامات. ويُعتبر الاهتمام بالصياغة القانونية الدقيقة جزءاً أساسياً من استراتيجية إدارة المخاطر.
للتعمق أكثر، يمكنكم قراءة دليل تأسيس الشركات في الإمارات لمعرفة الإجراءات والمتطلبات القانونية.
نصائح عملية عند صياغة عقود الشركات
- الاستعانة بمحامين متخصصين
ينبغي أن يتولى صياغة العقد محامٍ متمرس في قوانين الشركات، لضمان أن البنود تغطي جميع الجوانب القانونية والتجارية.
- مراجعة دورية للعقد
حتى بعد التوقيع، يجب مراجعة العقد دوريًا للتأكد من توافقه مع التعديلات التشريعية والاحتياجات العملية للشركة.
- توثيق الاتفاقات الجانبية
كثير من الشركاء يعتمدون على تفاهمات شفوية، لكن الأفضل أن تُوثّق هذه التفاهمات ضمن ملاحق أو اتفاقات مكتوبة.
- مراعاة القوانين الخاصة بالمناطق الحرة
لكل منطقة حرة في الإمارات لوائحها، ويجب أن تتوافق العقود معها بالإضافة إلى القوانين الاتحادية.
وإنّ وجود مستشار قانوني موثوق يختصر الكثير من المخاطر ويكون له دور غاية في الأهمية في حماية مصالح الشركات، حيث يمكنه:
- تقديم المشورة قبل توقيع أي التزام.
- مراجعة العقود القائمة واقتراح التعديلات اللازمة.
- تمثيل الشركة أمام الجهات القضائية أو التحكيمية عند النزاع.
ويمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات حول هذا الدور عبر مدونة أتش أتش أس للخدمات القانونية.
إنّ صياغة عقود الشركات ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي ضمانة لاستقرار الشركة واستمرارية أعمالها في بيئة اقتصادية ديناميكية. ولأن التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق الكبير، ننصحكم بالاستعانة بذوي الخبرة القانونية المتخصصة.
وإذا كنتم تسعون للحصول على دعم قانوني متخصص في هذا المجال، ويضمن حماية مصالحكم وتعزيز نجاحكم في السوق، تواصلوا معنا اليوم.
إدارة البحوث والنشر
أتش أتش أس للخدمات القانونية
دولة الإمارات العربية المتحدة
للاستعلام عن الخدمة
sales@hhslawyers.com
واتس اب كتابة فقط 971521782469