إن حماية كرامة الإنسان المدين بصفته شخصاً طبيعياً، وتنظيم شؤونه المالية، وتخفيف العبء المالي عن كاهله، ومنحه فرصاً أخرى للعمل والإنتاج وإعالة أسرته، هي من أبرز ما يتسم به قانون الاعسار الاماراتي حيث يقدم حلولا قانونية للمعسرين ماليا من الافراد سواء من مواطني الدولة او ومن المقيمين فيها. ولقد دخل القانون المذكور حيز التنفيذ في يناير 2020 بعد أن اعتمده مجلس الوزراء.
تعريف المعسر قانونياً
الشخص المعسر هو الشخص الطبيعي الذي لا يسري عليه وصف التاجر، ويواجه صعوبات مالية حالية أو متوقعة تجعله عاجز عن الوفاء بديونه، وغير قادر على تسويتها، سواء كانت تلك الديون مستحقة لأفراد، أو لجهات اعتبارية، ويحمي قانون الاعسار في الامارات الأفراد من غير التجار من الملاحقة القانونية في حال عدم المقدرة على سداد الديون المستحقة عليهم، إذ تم إصداره لحمايتهم من المساءلة وإعطائهم فرصة للعمل والإنتاجية لتسديد الأموال المستحقّة عليهم، ويسري على المدينين الذين لا يخضعون لأحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2019 بشأن الإفلاس
هل تريد الاستفسار بشأن قانون الاعسار في الامارات؟ اضغط هنا الان
أهداف قانون الإعسار في الإمارات
يتضمن قانون الاعسار الاماراتي طريقتين لمساعدة المدين في تسديد الأموال المستحقة عليه:
- الأولى تسوية الالتزامات المالية
- والثانية لجوء الدائن الي المحكمة المختصة طالبا اشهار اعسار مدينه وتصفية أمواله
حيث يحق للدائن طلب إعسار المدين وتصفية أمواله في حال تجاوزت قيمة الدين 200 ألف درهم إماراتي، كما أن القانون يحمي المدين من أي ملاحقة قانونية، وينفي صفة الجنائية عن الالتزامات المالية للشخص المعسر.
يهدف قانون الإعسار الجديد في الإمارات إلى تعزيز الاستقرار المالي في الدولة والي الكثير من الفوائد التي تعود على الأفراد أنفسهم، نذكر منها:
- التسهيل على المواطنين والمقيمين الذين يواجهون صعوبات مالية حالية أو متوقعة، ممّا يتيح لهم الفرصة في إعادة تنظيم ديونهم
- إعطاء الأفراد الفرصة للعمل والإنتاجية كي يتمكنّوا من إعالة أنفسهم وعائلاتهم
- حماية المدينين من الملاحقة القانونية، إذ ينفي صفة الجنائية عن المطالبات المالية
- يساعد الأفراد في تسوية ما عليهم من التزامات مالية أو مستحقات خلال خطة بمدة أقصاها 3 سنوات.
مميزات قانون الاعسار الاماراتي
- تعزيز تنافسية الدولة في مجال سهولة ممارسة الأعمال، وتسهيل الأعمال على الأفراد الذين يواجهون صعوبات مالية
- حماية غير القادرين على تسديد ديونهم من الإفلاس
- التسهيل على المواطنين والمقيمين الذين يواجهون صعوبات مالية حالية أو متوقعة والوقوف على احتياجاتهم
- إعادة تنظيم مديونيات المدينين، وإتاحة الفرصة لهم للاقتراض من جديد بشروط ميسرة
- تعزيز الجدارة الائتمانية للدولة على المدى البعيد وآفاق نموها المستقبلي
- زيادة القوة الاقتصادية الدولة، وصولاً لاقتصاد مستقر يوفر للأفراد بيئة مناسبة ومشجعة على ممارسة الأعمال
- يزيد من فرص التكامل التشريعي مما يساعد على جذب الاستثمارات
- يساهم في تحقيق بيئة آمنة لرؤوس الأموال
- يدعم زيادة الشفافية حول معدلات سداد الديون
- يزيل مخاوف الأفراد من ملاحقة القانون الجنائي في حالات التعثر المالي
- يجعل النظام القانوني في الدولة أكثر تماشياً مع المقررات الدولية.
كما سيعمل قانون الإعسار على مساعدة المدين في تسوية التزاماته المالية من خلال خبير أو أكثر تقوم المحكمة بتعيينه لتسوية الالتزامات، والذي يقوم بإعداد خطة بالتنسيق بين المدين والدائنين لا تزيد مدتها على ثلاث سنوات لتسوية الالتزامات المالية والوفاء بجميع الالتزامات المنصوص عليها في الخطة، على أن يُمنع المدين خلال تلك الفترة من الالتزام باية مديونيات جديدة لتصدر المحكمة لاحقاً بناءً على طلب الخبير أو المدين أو أي من الدائنين قراراً بتمام تنفيذ الخطة
كما يتضمن القانون أيضاً بنوداً خاصة تُساهم في سرعة البت في الإجراءات، والتخفيف من الأعباء المطلوبة لإعادة تنظيم وهيكلة المديونيات، وصولًا لوضع حل متوازن يحقق مصلحة الدائنين والمدينين في نفس الوقت.
الفرق بين قانون الإعسار وقانون الإفلاس
وجه الاختلاف بين قانون الاعسار الاماراتي الصادر 2020 وقانون الإفلاس الإماراتي، الصادر بموجب المرسوم الاتحادي رقم (9) لعام 2016 بأن الأخير ينظم مختلف حالات الإفلاس التي تواجهها الشركات المتعثرة في دولة الإمارات، ولا يطبق قانون الإفلاس على الأشخاص الطبيعيين بل يطبق فقط على الشركات التي يحددها القانون.
أما قانون الإعسار فيختلف عن قانون الافلاس من حيث تعريف المدين؛ إذ أن قانون إعسار الشخص الطبيعي يسري على الأشخاص الطبيعيين الذين لا يقومون بنشاط اقتصادي ولا يعتبرون من التجار، لكن بذات الوقت، يتوافق الهدف الأساسي لكلا القانونين، حيث أن كلاهما شُرِّع لحماية المصالح المشتركة لكل من الدائن والمدين بشكل عادل ومتوازن، وتقسيم المخاطر بينهما بطريقة تؤدي إلى إخراج المدين من دائرة الصعوبات المالية وتمكينه من سداد الديون التي تراكمت عليه.
توقعات تشريعية بعد صدور قانون الإعسار 2020
إن صدور هذا القانون الاتحادي بشأن الإعسار يعزز من المكانة الريادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أنه من النادر وجود تشريعات مستقلة تعالج مسألة إعسار الشخص الطبيعي من خلال تشريع مستقل متخصص على الرغم من أهمية ذلك، ومن المتوقع أن يؤدي وجود قواعد متخصصة تحكم حالة إعسار الشخص الطبيعي إلى:
- زيادة الشفافية حول معاملات سداد الديون المدنية
- زيادة الضمان العام للمعاملات المالية، وبالتالي تعزيز الاستقرار المالي في الدولة.
- زيادة سرعة النمو الاقتصادي ويُسهل على الأفراد فرصة الحصول على القروض، حيث يصبح هناك قواعد واضحة سهلة التطبيق لتحصيل الديون المتعثرة
- إعادة تأهيل الوضع المالي للمدين، مما يزيد من ثقة البنوك الدائنة في عمليات إقراض الأفراد
- يشجع الأفراد على الإقبال على الاقتراض المدروس المخاطر.
إدارة البحوث والنشر