sales@hhslawyers.com       97142555496+      واتساب

الهبة في دولة الإمارات: بين المشروعية والقيود القانونية

تُعدّ الهبة من التصرفات القانونية الشائعة في المعاملات المدنية، حيث يلجأ إليها الكثيرون كوسيلة لنقل الملكية دون مقابل. وتُعتبر الهبة من التصرفات القانونية المنتشرة في المجتمع الإماراتي، حيث يلجأ الأفراد إلى وهب أموالهم أو عقاراتهم لأبنائهم أو أقاربهم بدافع التكافل الأسري أو التنظيم المالي المبكر.

 إلا أن التساؤل المحوري الذي يثار في هذا الصدد هو: هل يمكن الطعن في الهبة وفق التشريعات الحديثة في دولة الإمارات العربية المتحدة؟

وتسعى هذه المقالة، الصادرة عن مدونة أتش أتش أس للخدمات القانونية، إلى توضيح الإطار القانوني المنظم للهبة في القانون الإماراتي، والقيود والضوابط التي تحكم الطعن فيها، وبيان الظروف التي يمكن بموجبها الطعن فيها، مع الاستناد إلى أحدث القوانين والاجتهادات القضائية الصادرة في الدولة، لتزويد القراء بفهم دقيق وعملي.

 

ماهية الهبة في القانون الإماراتي

عرّف قانون المعاملات المدنية الإماراتي الهبة بأنها عقد يتصرف بموجبه الواهب في مال يملكه دون مقابل، وينقله إلى الموهوب له برضاه. ويُشترط في هذا العقد رضا الطرفين وأهليتهما القانونية، إضافة إلى ضرورة أن يكون المال الموهوب مملوكاً للواهب ملكية كاملة وقابلاً للتصرف.

وقد أكدت التعديلات التشريعية الحديثة على ضرورة توثيق الهبة في العقارات لدى الجهات الرسمية مثل دائرة الأراضي والأملاك، وإلا فإنها لا تُعتبر صحيحة في مواجهة الغير. هذا التطور التشريعي جاء لضمان استقرار المعاملات العقارية ومنع النزاعات المستقبلية.

هل يجوز الطعن في الهبة حسب القانون في دولة الإمارات؟

 الأساس القانوني

هل يمكن الطعن في الهبة؟ الأصل أن الهبة عقد ملزم للجانبين بعد انعقادها وقبولها، لكن القانون الإماراتي أجاز الطعن فيها في حالات محددة، أبرزها:

  • الطعن لبطلان الهبة:
    يكون ذلك عند تخلف أحد أركانها الجوهرية (كالأهلية أو الملكية أو الرضا)، أو عند مخالفتها للنظام العام أو الآداب. مثال ذلك: هبة صادرة من غير مالك، أو من شخص ناقص الأهلية.
  • الطعن بالإلغاء لعدم التسجيل:
    بالنسبة للهبات العقارية، فإن عدم تسجيل العقد لدى الدوائر العقارية المختصة يجعلها غير نافذة، وبالتالي قابلة للإبطال.
  • الرجوع في الهبة:
    وفق المادة (646) من قانون المعاملات المدنية، يجوز للواهب أن يرجع عن هبته إذا قبل الموهوب له بذلك، أو بقرار قضائي عند توافر مبررات مشروعة، مثل إخلال الموهوب له بالالتزامات الجوهرية أو ظهور عسر شديد للواهب.
  • الطعن بسبب الغبن أو التدليس:
    إذا ثبت أن الهبة صدرت نتيجة غش أو استغلال أو ضغط غير مشروع، يمكن الطعن فيها استناداً إلى القواعد العامة في بطلان العقود.

اذاً بالرغم أن الأصل في العقود هو اللزوم وعدم الرجوع فيها، إلا أن المشرّع الإماراتي أجاز الطعن في الهبة ضمن حالات محددة. فالمواد (646 وما بعدها) من قانون المعاملات المدنية وضعت إطاراً يسمح بالرجوع أو الإبطال، خاصة في الحالات التالية:

  1. عدم استيفاء الأركان والشروط: إذا كانت الهبة تفتقر إلى الشكلية القانونية أو لم يتم توثيقها بشكل صحيح، جاز الطعن فيها.
  2. الإكراه أو الغبن الفاحش: إذا ثبت أن الواهب تصرف تحت ضغط أو تأثير غير مشروع، يمكن للمحكمة أن تبطل الهبة.
  3. إخلال الموهوب له بالالتزامات: مثل امتناع الموهوب له عن تنفيذ شرط ضمن الهبة (كالنفقة أو الرعاية).
  4. العجز المالي للواهب: أجاز القانون رجوع الواهب في الهبة إذا أصبح عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته الأساسية تجاه نفسه أو عائلته.

ومن المهم التمييز بين الرجوع في الهبة (وهو طلب الواهب استرداد المال الموهوب لظروف خاصة نص عليها القانون)، وبين الطعن في الهبة (وهو اللجوء إلى المحكمة لإبطالها لوجود عيب في العقد أو مخالفة للشروط).

فالرجوع في الهبة يظل مقيداً بحالات استثنائية حددها المشرّع، مثل حاجة الواهب المالية أو إخلال الموهوب له بالتزاماته، بينما الطعن يقوم على إظهار بطلان أو فساد العقد من أساسه.

 

الفرق بين الهبة الصحيحة والهبة الباطلة

من المهم التمييز بين الهبة الصحيحة التي استوفت شروطها القانونية، وبين الهبة الباطلة أو القابلة للإبطال:

  • الهبة الصحيحة: عقد نافذ لا يجوز الطعن فيه إلا في الحالات الاستثنائية.
  • الهبة الباطلة: تقع إذا انعدمت الأهلية أو الملكية، ولا تنتج أي أثر قانوني.
  • الهبة القابلة للإبطال: مثل الهبة الصادرة تحت تأثير إكراه أو تدليس، وهذه يجوز الطعن فيها أمام القضاء.

هذا التمييز يحسم العديد من النزاعات العملية، ويؤكد أن الطعن في الهبة ليس حقاً مطلقاً، بل مقيد بالضوابط التي رسمها القانون.

ومتى ننصح بالطعن في الهبة؟

ينبغي أن يكون الطعن في الهبة آخر الحلول، ويُفضل اللجوء إليه في الحالات التالية:

  • إذا شابت العقد شبهة غش أو تدليس.
  • إذا تخلف شرط التسجيل في الهبات العقارية.
  • إذا طرأت ظروف استثنائية على الواهب تبرر الرجوع عن الهبة.

وفي جميع الأحوال، من الأفضل استشارة محامٍ مختص قبل اتخاذ أي إجراء قانوني، لتقييم الموقف بدقة وتحديد جدوى الطعن وفقاً للمعطيات.

وللاطلاع على المزيد حول عقود الهبة والتصرفات المالية، يمكن الرجوع إلى مدونة أتش أتش أس للخدمات القانونية.

 

المستجدات التشريعية والعملية القضائية

نظم المشرّع الإماراتي أحكام الهبة في قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم (5) لسنة 1985 وتعديلاته، ولا سيما المواد (614) وما يليها، التي بيّنت أركان الهبة وشروط صحتها وآثارها. وتشمل أبرز هذه الشروط:

  • أن تصدر الهبة من مالك كامل الأهلية.
  • أن تكون الأموال محل الهبة مملوكة ملكية تامة وقابلة للتصرف.
  • أن تتم الهبة بالقبول من الموهوب له.
  • أن يُستكمل الإجراء بالتسجيل إذا كانت الهبة متعلقة بعقار.

وقد عزز المشرّع الرقابة على الهبات العقارية عبر إلزام التسجيل لدى دوائر الأراضي المختصة كشرط للنفاذ، مما أضفى مزيداً من الحماية القانونية على المتصرفين.

ومع التحديثات الأخيرة في قوانين الملكية العقارية وتنظيم التصرفات المالية في دولة الإمارات، باتت الجهات المختصة تشترط التسجيل والتوثيق الإلزامي للهبات العقارية، بما يحول دون النزاع لاحقاً.

كذلك، أكدت اللوائح الجديدة على أن الهبة لا تُعتبر نافذة إلا إذا تمت كتابياً أمام الجهات الرسمية، الأمر الذي يمنح الطعن في الهبة أساساً أقوى إذا جرى تجاوز هذه القواعد.

ومع التعديلات الأخيرة، أولت المحاكم الإماراتية أهمية كبرى لمسألة التسجيل كشرط للنفاذ بالنسبة للهبات العقارية. فالهبة غير المسجلة لا يُعتد بها في مواجهة الغير، مما يجعلها عرضة للبطلان.
كذلك، عززت الأحكام القضائية مبدأ حماية الموهوب له حسن النية، بحيث لا يجوز إبطال الهبة إلا بمسوغ قانوني قوي، مما يوازن بين استقرار المعاملات وحقوق الواهب.

يمكن الاطلاع على تحليل موسّع لهذه المسألة من خلال مدونة أتش أتش أس للخدمات القانونية، حيث تناولت قضايا مماثلة تتعلق بتصرفات الهبة وآثارها.

 

دور الاستشارة القانونية في قضايا الطعن بالهبة

القضايا المتعلقة بالهبة تتسم بالتعقيد، لارتباطها غالباً بالأسرة والميراث، مما يتطلب استشارة محامٍ متخصص قبل اتخاذ أي إجراء.
فالتسرع في الطعن قد يؤدي إلى رفض الدعوى إذا لم يكن مستنداً إلى نص قانوني صريح أو اجتهاد قضائي راسخ.

ومن هنا تأتي أهمية طلب المشورة من مكاتب قانونية ذات خبرة مثل أتش أتش أس للخدمات القانونية التي تمتلك خبرة واسعة في القضايا العقارية والمدنية، وتمثل مرجعاً موثوقاً للمتعاملين في هذا المجال.

 

وصفوة القول أنّ، الطعن في الهبة ممكن في دولة الإمارات العربية المتحدة، لكنه يظل محصوراً ضمن نطاق محدد يراعي حماية الواهب من الاستغلال وضمان استقرار التعاملات. ومحكوم بضوابط دقيقة نصت عليها التشريعات وأكدتها المحاكم. ولا يكفي مجرد الرغبة في العدول، بل يجب أن يستند الطعن إلى أسباب مشروعة مثل البطلان، عدم التسجيل، التدليس، أو الضرر الجسيم.
كما أنّ التعديلات التشريعية الحديثة زادت من قوة الضمانات القانونية للهبات، خاصة العقارية منها، وأكدت على أهمية التوثيق والتسجيل الرسمي.

وحرصاً على حقوق الأطراف، يوصى دوماً بالرجوع إلى خبراء قانونيين يمتلكون خبرة واسعة في هذا المجال. وفي هذا السياق، يمكنكم الاستعانة بخبراء أتش أتش أس للخدمات القانونية لذلك، إذا كنتم بصدد التفكير في الطعن بهبة أو مواجهة دعوى متعلقة بها، تواصلوا معنا اليوم.

 

إدارة البحوث والنشر

أتش أتش أس للخدمات القانونية ش م ح.

دولة الإمارات العربية المتحدة.

للاستعلام عن الخدمة:

واتس اب (كتابة فقط): 971521782469

sales@hhslawyers.com

مستشار قانوني متمكن في عدة مجالات قانونية. لديه خبرة واسعة في رفع الدعاوى القضائية وتقديم المشورة بشأن الحوكمة وقدم عديد من الاستشارات الناجعة. ماهر في التفاوض ومراجعة العقود التجارية وإجراء طلبات التراخيص التجارية وتعديلها وتجديدها. ضليع في القانون التجاري وقانون العمل وقضايا الإفلاس والإعسار والتصفية.