القاعدة العامة التي قررها قانون المعاملات المدنية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في شأن عقد الهبة أنه عقد لازم، والمقصود بأنه عقد لازم هو أنه لا يجوز الرجوع فيه من قبل الواهب، ولكن على سبيل الاستثناء أجاز الرجوع عن الهبة في حالات محددة، ويسأل البعض ما إذا كانت تسقط الهبة بعد وفاة الواهب، والإجابة على هذا التساؤل هي إجابة مركبة، حيث تختلف الإجابة تبعاً لاختلاف بعض الظروف القائمة عند وفاة الواهب، وهذه الظروف منها ما يخص الواهب ومنها ما يخص المال أو الحق الموهوب، وسوف نخصص هذا المقال لبيان هذه الحالات المختلفة والخاصة بوفاة الواهب وتأثيرها على عقد الهبة.
سقوط الهبة عند وفاة الواهب قبل القبض أو بعد القبض
يقصد بقبض الهبة استلامها من قبل المستفيد (الموهوب إليه)، ويختلف حكم الهبة في حالة وفاة الواهب تبعاً لما إذا كان المال الموهوب قد تم قبضه واستلامه من قبل المستفيد أم لا، وبيان ذلك على النحو التالي:
1- في حالة وفاة الواهب بعد قبض المستفيد للمال الموهوب
متى قبض المستفيد المال الموهوب قبل وفاة الواهب فعندئذ لا تسقط الهبة بعد وفاة الواهب، وإن كان ذلك لا يمنع من وجود حالات استثنائية يمكن لورثة الواهب فيها إبطال عقد الهبة وإسقاطها، وتتمثل هذه الحالات الاستثنائية في الحالات الواردة بالنقاط الآتي بيانها:
- أن يكون عقد الهبة قد تم خلال إصابة الواهب بمرض الموت وهو المرض الذي تسبب في وفاته، لاسيما إذا كانت الهبة تخفي داخلها وصية كما لو كانت مضافة إلى ما بعد موت الواهب.
- أن يكون الواهب قد أبرم عقد الهبة قبل وفاته بناء على وقوعه فريسة لغش أو إكراه دفعه إلى إبرام عقد الهبة.
- إذا كانت وفاة الواهب بسبب قتله عمدا وبدون وجه حق على يد المستفيد (الموهوب له)، فهنا تسقط الهبة بعد وفاة الواهب.
2- في حالة وفاة الواهب قبل قبض المستفيد للمال الموهوب
تخص تلك الحالة وفاة الواهب بعد إبرام عقد الهبة وقبل قبض واستلام المستفيد للمال الموهوب، ففي تلك الحالة تبطل الهبة ويسقط حق المستفيد في المال الموهوب، ولا ينال من ذلك أن تكون الهبة قد تمت بعوض أو بدون عوض، ففي الحالتين تسقط الهبة بوفاة الواهب، وعلى الرغم من أن هذا الحكم يمثل القاعدة العامة في هذا الشأن إلا أن ذلك لا يمنع من وجود حالة استثنائية لا تسقط فيها الهبة حتى لو لم يكن المستفيد قد قبضها حال حياة الواهب، وتتمثل هذه الحالة في أن يكون الواهب قد توفي قبل قبض الهبة، إلا أن المستفيد كان يسعى في قبضها قبل وفاة الواهب، وعلى سبيل المثال لذلك أن يتم إبرام عقد الهبة وقبولها حال حياة الواهب، وبدأ الموهوب له في استلام المال الموهوب واتخاذ الإجراءات الخاصة بقبضه، وخلال تلك الإجراءات توفي الواهب، فالعبرة هنا تكون بتاريخ بدء المستفيد في السعي في إجراءات القبض وما إذا كان ذلك قبل تاريخ وفاة الواهب أم بعده.
وفي هذا المقال تجدون المزيد من المعلومات عن تمييز قبض الهبة من عدمه وفق القانون الإماراتي.
هل تسقط الهبة بعد وفاة الواهب إذا كانت هبة منصبة على مال مرهون؟
تتمثل هذه الحالة في وفاة الواهب في عقد هبة تتوافر فيه الشروط الآتي بيانها:
- أن يكون المال الموهوب هو مال مرهون.
- أن تكون وفاة الواهب قبل فك رهن المال الموهوب.
- أن يكون المستفيد من عقد الهبة (الموهوب إليه) هو شخص آخر خلاف المرتهن.
ففي تلك الحالة قرر المشرع إبطال عقد الهبة وسقوطها، وذلك لأن حيازة المرتهن للمال الموهوب تكون لحسابه الخاص نظير دينه وليست حيازة لحساب الواهب، وبالتالي يكون لورثة الواهب إما ترك المال المرهون للمرتهن نظير دينه، أو سداد الدين وفك الرهن وفي تلك الحالة يرد المال المرهون إلى التركة ليقسم على الورثة، وفي الحالتين لا يكون للمستفيد من عقد الهبة أي حق على هذا المال.
هبة الوديعة للمودع وهبة العارية للمستعير
تتضمن هذه الحالة صورتين للهبة التي يتوفى فيها الواهب حال وجود المال الموهوب تحت يد المستفيد، وهاتين الحالتين هما أن تكون الهبة منصبة على الوديعة ويكون المودع لديه هو المستفيد (الموهوب له)، وأن تكون الهبة منصبة على عارية ويكون المستعير هو المستفيد (الموهوب له)، ففي هاتين الحالتين لا يمكن القول بأن المستفيد – المودع لديه أو المستعير – قد قبض الهبة، حيث أن المال الموهوب يكون تحت يده وفي حوزته بسبب آخر وهو الوديعة أو الاستعارة، وبالتالي تسقط الهبة شريطة ألا يكون المودع لديه أو المستعير قد قبل الهبة حال حياة الواهب، سواء كان على علم بالهبة قبل وفاة الواهب أو بعدها، وبالتالي يكون شرط صحة ونفاذ الهبة في تلك الحالة أن يكون قبولها قد تم قبل وفاة الواهب، فإن لم يقع هذا القبول وتوفي الواهب فلا عبرة بقبول الهبة بعد وفاته وتسقط بالوفاة.
هل تسقط هبة العين المستأجرة؟
تتعلق هذه الحالة بأن يكون المال الموهوب هو عين مستأجرة والمستفيد (الموهوب له) هو شخص آخر خلاف مستأجر هذه العين، ويتوفى الواهب قبل انتهاء عقد إيجار هذه العين، وهذه الحالة يختلف الحكم فيها إلى صورتين وهما:
- الصورة الأولى: أن تكون الهبة للعين فقط دون أجرتها: وفي هذه الحالة تسقط الهبة نظراً لعدم تحقق الشرط الأساسي لها وهو قبض المستفيد للمال محل الهبة، لاسيما وأن استمرار تقاضي الواهب للأجرة من المستأجر حال حياته وأثناء سريان عقد الهبة دليل على عدم قبض المستفيد للعين وعدم دخولها في ملكه، وبعد انتهاء العلاقة الإيجارية ترد العين إلى ورثة الواهب.
- الصورة الثانية: أن تكون الهبة للعين وأجرتها معاً: ففي تلك الحالة يظل عقد الهبة قائماً وصحيحاً حتى بعد وفاة الواهب، حيث أن قبض المستفيد للأجرة من المستأجر حال حياة الواهب وقبل وفاته دليل على قبضه للمال الموهوب قبل وفاة الواهب، وتكون العين ملكاً خالصاً للمستفيد ويتسلمها من المستأجر بعد انتهاء عقد الإيجار.
وللمزيد من المعلومات عن الهبة وإجراءاتها وأحكام الرجوع بها، يمكنكم قراءة المقالات التالية عبر مدونتنا:
- الرجوع في الهبة في التشريع الإماراتي
- إجراءات هبة العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة
- أحكام الهبة من الأب إلى أحد الورثة في دولة الإمارات
يعتبر مكتب أتش أتش أس للخدمات القانونية من أفضل مكاتب المحاماة في دبي للحصول على استشارات قانونية, حيث تتم الاستشارة على يد أمهر المحامين والمستشارين القانونيين.
للتحدث مع أحد مستشارينا اتصل بنا الآن.
إدارة البحوث والنشر
أتش أتش أس للخدمات القانونية ش م ح.
دولة الإمارات العربية المتحدة.
للاستعلام عن الخدمة:
واتس اب (كتابة فقط ) : 971521782469
ايميل: sales@hhslawyers.com