شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تطورًا تشريعيًا هامًا بإصدار مرسوم بقانون اتحادي رقم (41) لسنة 2024 في شأن الأحوال الشخصية، الذي ألغى قانون الأحوال الشخصية السابق رقم (28) لسنة 2005. وتماشياً مع رؤية الدولة في تعزيز الحقوق الفردية وضمان التوازن بين الشريعة والحداثة، جاء القانون الجديد ليعالج بوضوح عدداً من القضايا الخلافية، أبرزها حق المرأة المطلقة في تزويج نفسها دون الحاجة لولي.
التطور التشريعي في مفهوم الولاية على المرأة الراشدة
جاءت المادة 18/2 من القانون الجديد لتؤكد أن الولاية ليست شرطًا مطلقًا للمرأة المسلمة في جميع الأحوال، بل يمكن للمرأة الراشدة تزويج نفسها بشروط معينة. حيث نصت على ما يلي:
“يُستثنى من ذلك الزوجة المسلمة غير المواطنة إذا كان قانون جنسيتها لا يوجب أن يكون لها ولي في الزواج.”
هذا يعني أن المشرّع الإماراتي أقرَّ ضمنًا مبدأ أهلية المرأة الراشدة الثيب (المطلقة أو الأرملة) في تزويج نفسها، خاصة في حال عدم وجود نص صريح في قانون جنسيتها يُلزم بوجود الولي.
الموقف القانوني من زواج المطلقة الراشدة المواطنة بدون ولي
وفقًا للمادة 24 من ذات القانون، إذا امتنع الولي عن تزويج المرأة من كفءٍ رضيت به وبمهر المثل، للمحكمة أن تتولى التزويج بطلب منها، أو أن تنقل الولاية لغيره، أو تفوض من تراه مناسباً. ويتضح من ذلك أن:
- الأصل هو وجود الولي،
- لكن إذا تعسّف الولي أو امتنع، للمحكمة التدخل،
- وبذلك يُفتح الباب عمليًا أمام المطلقة لأن تتزوج حتى في حال رفض الولي.
ضوابط الزواج بدون ولي في دولة الإمارات
رغم السماح به في بعض الحالات، لا يتم الزواج بدون ولي مطلقاً، بل تحكمه ضوابط مهمة حتى يمكن للمرأة أن تتزوج بدون ولي، ومن هذه الضوابط ما يلي:
- أن تكون المرأة راشدة وعاقلة،
- أن يكون الزوج كفؤًا لها دينًا وخلقًا ومالًا (مادة 42)،
- أن يكون المهر مناسبًا لمثيلاتها (مادة 45)،
- أن يتم الزواج بحضور شاهدين (مادة 27)،
- وأن تتم توثيق عقد الزواج رسميًا لدى المحكمة (مادة 41).
موقف القضاء الإماراتي من زواج المطلقة بدون ولي
يعتمد القضاء الإماراتي، في المسائل التي لم يرد بها نص، على مبادئ الشريعة الإسلامية وفق المادة الأولى من القانون، مع تخيّر الرأي الأرجح وفقاً لمصلحة الأطراف. وهذا يشمل العمل بالمذهب الحنفي الذي يُجيز للمرأة البالغة العاقلة أن تزوّج نفسها بدون ولي، طالما توافرت شروط الكفاءة والمهر.
- التفريق بين البكر والثيب في القانون الإماراتي
رغم أن القانون لم يستخدم لفظي “البكر” و”الثيب” صراحة، إلا أن الأحكام ضمنًا تُفرّق بين المرأة التي لم يسبق لها الزواج، والتي سبق لها الزواج (مطلقة أو أرملة)، من حيث الحاجة للولي. تحليل ذلك يُبيّن مدى تقدم المشرع في الاعتراف بأهلية المرأة المطلقة.
- دور القضاء في ضبط زواج المرأة بدون ولي
بحسب المواد 24 و26 و42، فإن المحكمة لا تسمح للمرأة بتزويج نفسها دون قيود، بل يجب أن يتحقق القاضي من:
- وجود الكفاءة،
- رضا الطرفين،
- غياب التعسف من الولي (إن وجد)،
- وتوثيق الزواج رسميًا.
هذه الرقابة القضائية تحفظ المصلحة وتمنع التلاعب أو الغبن.
- التوفيق بين الشريعة ومبادئ القانون المدني
القانون الإماراتي يستند إلى الشريعة لكنه يستلهم أيضًا قواعد من القانون المقارن (المدني). فتحليل زواج المطلقة بدون ولي من منظور فقهي – قانوني مقارن (بين المذاهب الأربعة، وقوانين دول أخرى) يُضفي عمقًا أكاديميًا للمقال.
- ضمانات حماية المطلقة في حالة الزواج دون ولي
يُمكن الإشارة إلى أن:
- الزواج لا يُعقد إلا بشهادة شاهدين (مادة 27)،
- ويُوثق رسميًا لدى المحكمة (مادة 41)،
- مما يضمن للمرأة حقوقها في حال حدوث نزاع (مثل إثبات النسب، أو طلب النفقة، أو الطلاق لاحقًا).
- الاستثناء المتعلق بالزوجة المسلمة غير المواطنة
النص في المادة 18/2 يفتح الباب لتحليل الحالات التي لا يُشترط فيها الولي، مثل:
- إن كانت الزوجة من جنسية دولة لا تُشترط فيها الولاية في القانون المدني (مثل فرنسا أو بريطانيا).
- أو في حال المقيمات بدولة الإمارات من خلفيات قانونية مختلفة.
- الشق الحقوقي والتمكيني للمرأة
زواج المطلقة بدون ولي يمثل خطوة كبيرة نحو التمكين القانوني للمرأة الإماراتية، ويُعد جزءًا من مشروع أوسع للدولة يشمل:
- إقرار الذمة المالية المستقلة للزوجة (مادة 51)،
- عدم سقوط أهلية المرأة بالزواج أو الطلاق،
- تعزيز الحماية من التعسف أو الغبن الأسري.
- نقاش حول “حق الاعتراض على الكفاءة”
وفق المادة 42/3، لا يجوز للأولياء الآخرين الاعتراض على زواج المطلقة ممن لا كفاءة له، إلا إذا كانوا الأقرب درجة وكانوا كاملين للأهلية، ما يعني:
- أن للمطلقة حرية أكبر في اختيار الزوج،
- بشرط ألا يتضرر حق شرعي مباشر للأقرب من الأولياء.
زواج المطلقة غير المواطنة دون ولي في الإمارات
- حكم المادة 18/2 من قانون الأحوال الشخصية لسنة 2024
تنص المادة 18/2 بوضوح على:
“يُستثنى من ذلك الزوجة المسلمة غير المواطنة إذا كان قانون جنسيتها لا يوجب أن يكون لها وليٌ في الزواج.”
هذا النص يقرّ أولوية قانون الجنسية الأصلية للزوجة غير المواطنة.
- وبالتالي، إن كانت المرأة تنتمي لدولة لا تُشترط فيها الولاية (مثل بعض الدول الأوروبية أو المغاربية)، فيُعتد بإرادتها وحدها في الزواج دون اشتراط وجود ولي.
- وهذا يفتح الباب لغير الإماراتيات لتوثيق زواجهن في الإمارات وفق أنظمة دولهن الأصلية إذا رغِبن بذلك.
- التمييز بين المسلمة وغير المسلمة
- المادة تنطبق على الزوجة المسلمة غير المواطنة فقط.
- أما غير المسلمة، فالأصل أن تُطبّق عليها قوانين دولتها بالكامل، وليس فقط في الولاية، إلا إذا اختارت هي أو الطرفان تطبيق القانون الإماراتي.
- الاعتراف بالتعددية القانونية (Legal Pluralism)
ما قام به المشرّع الإماراتي يعكس نهجًا تعدديًا قانونيًا:
- احترام قوانين الدول الأخرى بشأن الأحوال الشخصية،
- مع الحفاظ على النظام العام والآداب العامة للدولة،
- وإعطاء المرأة غير المواطنة حق الخيار القانوني، وهو أمر لا يتوافر في معظم النظم القضائية العربية.
- التوثيق القضائي إلزامي لجميع الجنسيات
حتى وإن تم السماح بزواج المطلقة غير المواطنة بدون ولي، فإن المادة 41 من القانون تشترط توثيق العقد لدى المحكمة، ويجب تقديم:
- ما يثبت عدم اشتراط الولي في قانون جنسيتها (عادة شهادة قانونية مصدقة)،
- وثائق الهوية،
- تقرير الفحص الطبي،
- وأية مستندات تدعم أهلية الزوج والزوجة.
- قيود المحكمة: منع التحايل
رغم الإباحة، فإن المحكمة لن تصادق على العقد في الحالات التالية:
- إن رأت أن الزواج يخالف النظام العام أو يمسّ الآداب العامة.
- أو إن تبين وجود تحايل على القوانين (كزواج صوري أو غير جاد).
- مقارنة تطبيقية:
في بعض محاكم الدولة، وخاصة في أبوظبي ودبي، يتم بالفعل:
- قبول زواج المسلمات غير المواطنات بدون ولي إذا تم تقديم ما يُثبت جواز ذلك في قانون بلدها.
- وتوثيق الزواج بعد مراجعة قانونية دقيقة من القاضي والمأذون.
- أهمية توثيق الخيار القانوني مسبقًا
يُفضّل أن تُحدد المرأة غير المواطنة في العقد:
- هل ترغب بتطبيق قانون بلدها أو القانون الإماراتي؟
- لأن لذلك آثارًا لاحقة تتعلق بالطلاق، النفقة، الحضانة، والميراث.
الآثار القانونية المترتبة على زواج المطلقة دون ولي
لا يكفي الحديث عن الجواز فقط، بل يجب بيان ما يلي:
- هل هذا الزواج يُعطي المرأة نفس الحقوق مثل النفقة، الميراث، الحضانة؟
- كيف يُؤثر ذلك على إثبات النسب في حال نشوء نزاع (راجع المادة 87 و88 من القانون)؟
- ماذا يحدث إن ادعى الولي لاحقًا أنه لم يكن راضٍ عن الزواج؟ هل له أثر رجعي؟
هذه النقطة تُظهر الحماية القانونية الكاملة للمرأة بعد الزواج حتى دون تدخل ولي.
المسؤولية المدنية والجزائية عند الغش أو التحايل في تزويج المطلقة دون ولي
ماذا لو تزوجت المرأة تحت ادعاء أنها “ثيب”، وهي في الحقيقة بكر؟ أو قدمت بيانات مزورة لنفي وجود ولي؟
هنا:
- يمكن دراسة المسؤولية الجزائية عن تزوير البيانات الشخصية أمام المحكمة.
- واحتمال بطلان العقد في حال التلاعب في بيانات الكفاءة أو الحالة الشخصية (راجع المواد 36–40).
ويمكن إبراز دور المأذون الشرعي والمحكمة في التحقق من أهلية المطلقة
- أن المأذون لا يُبرم العقد مباشرة دون إذن المحكمة، خصوصًا إن كانت المرأة بلا ولي.
- وأن القضاء الإماراتي يُمارس سلطة تقديرية دقيقة لضمان عدم وجود إكراه أو استغلال.
من خلال القانون الجديد، تُظهر الإمارات التزامًا حقيقيًا بتحديث منظومتها القانونية بما يواكب متطلبات العصر، دون الإخلال بالمرجعية الدينية. ويؤكد المرسوم بقانون رقم (41) لسنة 2024 أن زواج المطلقة بدون ولي لم يعد محلًا للشك أو الجدل، بل بات منظمًا بضمانات قانونية تعزز استقلالية المرأة وتحمي حقوقها ضمن إطار شرعي ومدني متوازن.
إذا كان لديكم أي استفسار حول إجراءات الزواج بدون ولي في دولة الإمارات العربية المتحدة يمكنكم التواصل معنا، لدى مكتب إتش إتش إس للخدمات القانونية مجموعة من المستشارون المتخصصون في قضايا الزواج والأسرة لمساعدتكم وتقديم كافة الخدمات التي تحتاجونها، كما لدنيا فريق متخصص لإتمام إجراءات الزواج أمام المحاكم المختصة وتحضير كافة الوثائق والمستندات المطلوبة.
إدارة البحوث والنشر
أتش أتش أس للخدمات القانونية ش م ح.
دولة الإمارات العربية المتحدة.
للاستعلام عن الخدمة:
واتس اب (كتابة فقط ) : 971521782469
ايميل: sales@hhslawyers.com